الأحد، 20 يوليو 2008
ناس نامية طوالى
فى إحدى المركبات العامة جلس بجواري أحد الركاب وبعد أن تحركت المركبة بدا بالتثاؤب وبعد محاسبته (للكمساري) غرق مباشرةً فى النوم وكأنه لم ينم منذ اسبوع. والغريب فيه انه لم تؤثر عليه ضوضاء المركبة ولا أصوات الركاب، فبدا وكأنه جثة هامدة. وتواصلت الرحلة وقبل الوصول لنهاية المحطة استيقظ الراكب فأسرعت بالتعرف عليه وسألته عن سرعته فى النوم فذكر أن اسمه (مصعب) وهو من طلاب كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، وأوضح ان سرعته فى النوم نتاج الارهاق والذى يبدأ معه منذ استيقاظه لصلاة الفجر، والاتجاه مباشرة نحو الجامعة، وذلك لبعد المسافة مابين المنزل والجامعة، وان كثرة المحاضرات تتطلب منه جهداً كبيراً حتى يكون منتبهاً، حيث لايمكن ان افرط في أي محاضرة لآخذ قيلولة، ولاجل ذلك اتخذ من المواصلات سريراً لي، ودائما ما أكون نائم فى المواصلات فى طريق العودة، فهذه النومة هي ركن أساسي فى حياتي، فعند وصولي الى المنزل اتجه مباشرة الى السرير، وبذلك تكتمل دورة حياتى اليومية, بينما حكى لي (محمد) خريج جامعة الخرطوم عن زميل له بالجامعة مشهور بالنوم السريع فإذا كنت تتحدث معه، وتوقفت للحظة تجده قد غرق فى النوم. فاذا زرته بالداخلية تجده نائم، واذا أتى الى المحاضرة سرعان ما ينام والغريب فى امره أن نتائجه جيدة، وانه لاينام فى قاعة الامتحان وهو الان يعمل موظفا بالكهرباء.بإحدى المطاعم يوجد زبون من سائقى الركشات مشهور بالنوم دلفت اليه لأحدثه لكنه تحفظ لأسباب غير مقنعة، فانصرفت محترما رأيه واتخذت مكانا استطيع مراقبته منه، وكان بالقرب مني العم (نصر الدين)صاحب المطعم فبدأ بالحديث عنه، يعرف هذا الزبون منذ فترة بعيدة وهو سائق ركشة، ويمكن ان يمر اسبوع من دون أن يزور أهله وأنه يأتى الى المطعم للعشاء وعند وصوله وجلوسه على الطاولة يبدا رحلة النوم اليومية الى أن ينتهي دوام العمل حينها يوقظه العمال ليأكل معهم. ومن احدى طرائفه انه( اتى يوما وقبل بداية مشوار النوم طلب عشاءه وذهب الى الطاولة لكن سرعان ما نام، فأتى اليه الجرسون وايقظه وعند ما انتهى من الاكل واصل النوم مرة اخرى، وعنما استيقظ وجدناه مقدما ثمن الوجبة لبرميل المياه الذي بالمطعم). وبعد مرور لحظات رأيت ذلك الزبون متجهاً الى ركشته ليواصل مشواره اليومي.ويذكر أ. د. أحمد سالم أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم ان هذا النوم يسمى بالقهري وهو مرض يصيب الجهاز العصبي ويرافق المريض مدى الحياة، وإذا لم يشخص ويعالج قد يؤثر على المريض تأثيرا بالغا، ويمكن أن تظهر أعراض النوم القهري في أي عمر ولكنها تظهر في معظم الحالات في بداية سن المراهقة. وهناك أدوية تساعد المريض كثيرا ولكن لا يوجد علاج يقضي على المرض. والنوم القهري مرض عضوي ينتج عن نقص مادة في الجهاز العصبي تدعى أوركسين (هيبوكريتين). ولا علاقة للمرض بأي سبب نفسي. والمرض ليس له تأثيرات عضوية أخرى ولا يؤثر على حياة المرضى بصورة مباشرة. ويبدو أن العامل الوراثي يلعب دورا في ظهور المرض.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق